دور الدين في نجاح الاسرة
مقدمة
رسالة الشرائع الإلهية إحياء إنسانية الإنسان، وبعث
النوازع الأخلاقية القيمية في وجوده، وحمايتها من طغيان الدوافع الشهوانية
المادية، لذلك من الطبيعي أن تهتم بنظام الأسرة في المجتمع البشري، وتعطيه
الأولوية والعناية اللازمتين، لترسيخ وجوده، وتقوية بنيته، ومكافحة كل عوامل
إضعافه.
وهذا ما نجده في جميع الشرائع الدينية، كاليهودية
والمسيحية والإسلام، حيث تتفق على محورية الأسرة في نظام حياة المجتمع، وإن اختلفت
في تفاصيل التشريعات.
والإسلام كآخر رسالة ودين أنزله الله تعالى للبشر، يمثل كمال
الشرائع الإلهية، وصيغتها المتطورة المتقدمة، أولى موضوع الأسرة اهتماماً محورياً
مميزاً، لا نظير له في أي شريعة سماوية أو أرضية.
ويتجلى هذا الاهتمام المميز في وفرة التشريعات
الإسلامية، التي تتناول وتعالج كل شؤون الأسرة، في مختلف الجوانب، وحول أدق
التفاصيل، فيما يرتبط بتأسيس الأسرة وتكوينها، وطريقة إدارتها، وتحديد خريطة
الحقوق والواجبات لأعضائها، ومعالجة المشاكل والعقبات التي قد تواجهها، وتعزيز
موقعيتها في المجتمع، وحمايتها من التفكك والتصدع.
ويشتمل القرآن الحكيم، على عدد كبير من الآيات الكريمة،
التي تتناول موضوع الأسرة، كأطر مفاهيمية، وأحكام تشريعية، ونماذج تاريخية للعبرة
والإقتداء. كما
تتضمن مصادر الحديث والروايات الإسلامية، عدداً هائلاً من النصوص المرتبطة بشأن
الأسرة، في أبعادها المختلفة. وفي كتب الفقه والتشريع الإسلامي، يحتل موضوع الأسرة
مساحة كبيرة واسعة، يلحظها كل مطلع على التراث الفقهي, لكن هذه
الثروة المعرفية الهائلة، من مفاهيم وتشريعات إسلامية حول الأسرة، لم تتوافر لها
فرص العرض والحضور، على مستوى المجتمعات الإنسانية العالمية، بل إن حضورها في وعي
وثقافة جمهور الأمة الإسلامية، لايزال ضعيفاً محدوداً.
الالتزام بتعاليم الدين يدفع
المهالك عن الأسرة وأفرادها
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع،وصلاحها يعني صلاح
المجتمع،وفسادها يعني فساد المجتمع؛لهذا نجد أن ديننا الإسلامي الحنيف أولى الأسرة
رعاية خاصة ووضع الأسس والقواعد الراسخة التي تبنى عليها الأسرة، فبيّن للرجل كيف
يختار زوجته،كما بين للمرأة ووليها كيف يتم اختيار الزوج، ثم وضع حقوق محددة للزوج
على زوجته، وكذلك حقوق للزوجة على زوجها، ثم وضع حقوق للأبناء على الآباء، وحقوق
للآباء على الأبناء، حقوق كثيرة لو حافظ عليها الناس لسادت السعادة بين الأفراد،
وداخل الأسر، والمجتمعات.
وتأتي المشاكل من التفريط والإهمال في حفظ هذه الحقوق فتنتج
مشكلات كثيرة: فردية ، وأسرية ، واجتماعية .
سنحاول في هذا التقرير إلقاء الضوء على دور الأسرة في أمن
المجتمع الذي هو ثمرة من ثمرات قيام الأسرة بدورها، وحفظها لحقوق الأبناء فيها.
أهمية الأسرة:
الأسرة هي المحضن الأول
للإنسان فيها يُولد، وفيها ينشأ ويترعرع، وفيها يتعلم المثل والقيم والمبادئ.
ولأهمية الأسرة فقد أولاها الإسلام عناية فائقة قال الله تعالى: ( والله جعل
لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات
أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون )
ووضع الأسس التي تبنى عليه الأسرة فأرشد الفرد الأول في الأسرة
الزوج كيف يختار زوجته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها
ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )، فالزوجة صاحبة الدين هي نواة الأسرة الصالحة التي تُخرج للمجتمع
مواطنين صالحين وتحقق في أولادها التربية الإسلامية الحقة ،
فلا تقصر في تربية أولادها والعناية بشأنهم، فهي أم حنونة، وزوجة صالحة، وأستاذ
حكيم، وراع يقوم بحق الرعاية.
كما أرشد الإسلام الزوجة إلى اختيار زوجها قال النبي – صلى
الله عليه وسلم – ( إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه،إلاَّ تفعلوا تكن فتنةٌ
في الأرض وفساد كبير )
إن الأسرة إذا بُنيت على أساس هذا الاختيار للزوج والزوجة هي
بلا شك أسرة صالحة تحققت فيها الأسس الصحيحة منذ تأسيسها، وزوجان هذه صفاتهما حري بهما أن
يقومان بحق رعاية أولادهما حق قيام فهما يمتثلان قول الله تعالى: ( يأيها
الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً
وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما
يؤمرون )
،ويقومان بحق
الرعاية لأولادهم كما أمر بذلك نبينا – صلى الله عليه وسلم – عندما قال – عليه
الصلاة والسلام – : ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع )
فإذا كان الزوجان يتصفان بالتمسك بالدين وتعاليمه فمن المؤكد
أنه سوف تتوفر فيهما بقية شروط الأسرة المسلمة التي هي من نتائج التمسك بالدين،وهي :
الشرط الأول: التمتع بثقافة دينية وعلم بأحكام الدين :
وهذا يشمل كلاً من الأبوين والأولاد في الأسرة بأن يكونوا على
إطلاع بأحكام الدين في الحلال والحرام،وفي الواجبات والمسنونات والمحظورات
قدراً ضرورياً يمكنهم من ممارسة عبادتهم ومعاملاتهم على الوجه الشرعيّ الصحيح الذي
يوصلهم إلى مرضاة الله عز وجل،ويجنبهم سخطه، فإنه لا عذر لجاهل بأحكام الإسلام
التي ينبغي أن تعلم بالضرورة، فقد قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ( طلب العلم
فريضة على كل مسلم )
كما أن على الأسرة المسلمة أن تكون حريصة على أخذ العلم من
العلماء العاملين المشهود لهم بالرسوخ في العلم، وبهذا تزدهر الأسرة ويشتد ساعدها
وتكون فاعلة في المجتمع، ومصدر من مصادر قوته، ومنعته.
التمتع
بثقافة تربوية كافية والتخلق بها لتوجيه
الأولاد توجيهاً سليماً:
الأسرة هي مكان بناء الأجيال وإعداد وتنشئة المواطنين الصالحين
للمجتمع، وفاقد الشيء لا يعطيه فيجب على الأبوين أن يتمتعا بثقافة تربوية كافية
تعينهما على توجيه أولادهم وإرشادهم ونصحهم، وإن مما يجب أن يطلعا عليه لنماء
ثقافتهما التربوية أن يقفا على كتب الحديث والسيرة ويقتبسا من حياة النبي – صلى
الله عليه وسلم – وأساليبه في تربية أولاده، والتعرف على خصائص نمو كل مرحلة
عمرية يمر بها أولادهم،ومطالب وحاجات كل مرحلة
،وأن يسلك الأبوان في تربية أولادهما مسلك الاعتدال والوسط،الذي هو سمة عامة من
سمات الإسلام فلا يدعوهم إلى الغلو والشطط والتشدد والقسوة والجفاء والغلظة في
أمور دينهم ودنياهم،ولا إلى التساهل والتفريط والحيد عن
أوامر الدين، فرسولنا – صلى الله عليه وسلم – كان يدعو إلى التوسط والاعتدال
والرحمة والرفق،فعن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: ( ما خُيِّرَ
رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين أمرين قط إلاّ أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً،
فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
لنفسه قط إلاّ أن تنتهك حرمة الله)
(3) حل الخلافات والمشكلات التي تعترض الأسرة بالتي هي أحسن:
إن مما يزعزع كيان الأسرة وتماسكها ويضر بسلامة بنائها هو ظهور
الصراعات المختلفة بين الزوج والزوجة من جهة، والنزاعات بين الأولاد من جهة أخرى.
فمن الأساليب الحكيمة التي يجب أن يتمتع بها الأبوان
في الأسرة هو عدم إفشاء أسرارهما الزوجية بين الأولاد، ومحاولة الابتعاد بمشكلاتهم
عن سمعهم وبصرهم، وحلها بين بعضهما، و التناصح في شأنها سراً دون أن يعلم بها الأهل
والأقربون، فإن تعذر حلها فلا بأس أن يتدخل أحد من الأقارب ممن يتصف بالحكمة
والتجربة والصدق والأمانة للاطلاع على أسباب الخلاف،ثم مساعدتهما على حلها ومناصحتهما باللين
والمعروف، ليراجع كل من الزوجين نفسه إن كان مخطئاً فيؤوب إلى الرشد والرجوع إلى
الحق فإن في ذلك الخير العظيم ودوام الاستقرار والسعادة بينهما.
وبالنسبة لمشكلات الأولاد فإن من أهم الوسائل لعلاجها هو إشاعة
خلق الرفق والرحمة بينهم،وإحلال النصيحة والموعظة الحسنة من قبل الأبوين تجاه أولادهما
والتذكير بمخافة الله عز وجل ثم عدم المفاضلة بينهما والمقارنة السيئة، فإن هذا
السلوك من قبل الأبوين يولد الشحناء والبغضاء والحقد والكراهية بين الأولاد، فلا
بد من إقرار العدل والمساواة بينهم في كافة حقوقهم المادية منها والمعنوية، وتحقيق
قول الرسول – صلى الله عليه وسلم
– ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ، ثم تطبيق أسلوب الثواب والعقاب بينهم.
فبهذه الشروط يستقيم أمر الأسرة ويصلح حلها، وتكون مؤهلة أن
تخرج - بإذن الله – للمجتمع أعضاء صالحين يسهمون في رقيه وتطويره،ويحافظون على
أمنه واستقراره.
في الوقت الذي تجنّد فيه وسائل الإعلام والاتصالات
المتطورة، كل طاقاتها وإمكانياتها الهائلة، للتبشير بقيم وأنماط الحياة الغربية
المادية، التي تُضعف شأن الأسرة، وتهزُّ موقعيتها لذا حاولنا في هذه المقالة بيان
بعض الاشارات التي تخبر عن اهتمام الاسلام
بالأسره واعطائها القوانين التي تساعد على نجاحها وموفقيتها.
الكتابة عن دور الدين في حياة الاسرة ونجاحها لم يكن
وليد هذا البحث المختصر بل أذا قيس هذا البحث بما كتب في زوايا الكتب او مستقلاتها
لكان عبارة عن قطرة في بحر من جملتها كتاب النظام التربوي في الاسلام لباقر القرشي
ودور المرأة في المجتمع الاسلامي لرياض اسماعيل والمرأة المعاصرة لعبد الرسول غفار
والعديد من الكتب الاسلامية الجيدة .
تشكل الاسرة اللبنة الاولى للمجتمع الاسلام لذا فقد
أولى الاسلام الاهمية الكبرى للاسرة ووضع العديد من القوانين لتنظيم العلاقة بين
أفرادها لكي يصل جميع أفرادها لكمالهم المنشود , ولو كتب كل مسلم بحثاً بين فيه
الايات والروايات التي تحدثت عن الاسرة وينقل للناس القوانين التي كفلت حقوق كل
فرد من أفرادها لثبت للجميع أن الدين الاسلامي هو اكمل دين وقانون , لذا فأني ارى
من واجبي كمسلمة أن احاول التحقيق والكتابة في هذا الموضوع لأحصل على الفائدة لي
ولأأسرتي ومجتمعي.
أهميةالاسرة في التربية
أن للأسرة الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم
السلوك الفردي, وتشكيل شخصيته واكتسابه العادات التي تبقى ملازمة له طول حياته,فهي
البذرة الاولى في تكوين النمو الفردي وبناء الشخصية. وبعث الحياة, والطمأنينة في
نفس الطفل, فمنها يتعلم اللغة ويكتسب بعض القيم, والاتجاهات, وقد ساهمت الاُسرة
بطريق مباشر في بناء تعلم الإنسان لأصول الاجتماع, وقواعد الآداب والأخلاق, كما
أنها السبب في حفظ كثير من الحرف والصناعات التي توارثها الأبناء عن آبائهم,أن
الأسرة مسؤولة عن نشأة أطفالها نشأة سليمة متسمة بالأتزان, والبعد عن الانحراف,
وعليها واجبات, ملزمة برعايتها مثلا أن تشيع في البيت الاستقرار, والود
والطمأنينة, وأن تبعد عنه جميع ألوان العنف والكراهية, والبغض, فإن أغلب الأطفال المنحرفين,
والذين تعودوا على الأجرام في كبرهم, كان ناشئاً ذلك على الأكثر من عدم الاستقرار
العائلي الذي منيت به الأسرة.
وللبيت أهميته البالغة في التربية, فمن طريقه تحقق
البيئة الاجتماعية آثارها التربوية في الأطفال. فبفضله تنتقل إليهم تقاليد أُمتهم,
ونظمها, وعرفها الخلقي, وعقائدها وآدابها وفضائلها, وتأريخها, وكثير مما أحرزته من
تراث في مختلف الشؤون, فإن وفق المنزل في أداء هذه الرسالة الجليلة حققت البيئة
الاجتماعية آثارها البليغة في التربية وإن فسد المنزل, الطفل حتماً يفسد, ولا تكون
له أية شخصية.
أن المنزل يقوم بأكثر من دور في حياة الطفل, فهو المنبع
الطبيعي للعطف والحنان, فمنه يستمد حياته المطمئنة الهادئة([1])...
وقد عني الإسلام به عناية خاصة فأمر بأن تسود فيه المحبة والمودة, وترك الكلفة,
واجتناب هجر القول ومره, فإن لذلك أثراً عميقاً في تكيف الطفل, وإذا لم يوفق البيت
لإداء مهمته, فإن الطفل يصاب بأنحرافات خطيرة, منها القضاء على شعوره بالأمن,
وتحطيم ثقته بنفسه, وغير ذلك مما نص عليه علماء النفس.
وللأسرة وظائف حيوية مسؤولة عن رعايتها, والقيام بها
وهذه بعضها:
1. إنها تنتج الأطفال, وتمدهم بالبيئة الصالحة لتحقيق
حاجاتهم البيولوجية والاجتماعية, وليست وظيفة الأسرة مقتصرة على إنتاج الأطفال فإن
الاقتصار عليها يمحوا الفوارق الطبيعية بين الإنسان والحيوان.
2.
انها تمدهم للمشاركة في حياة المجتمع, والتعرف على قيمة وعاداته.
3. إنها تمدهم بالوسائل التي تهيء لهم تكوين ذواتهم
داخل المجتمع.
4. مسؤوليتها عن توفير الاستقرار والأمن والحماية
والحنوّ على الاطفال مدة طفولتهم, فإنها أقدر الهيئات في المجتمع على القيام بذلك
لأنها تتلقى الطفل في حال صغره([2]), ولا تستطيع أية مؤسسة عامة
أن تسد مسد الأسرة في هذه الشؤون.
5. على الأسرة يقع قسط كبير من واجب التربية الخلقية
والوجدانية والدينية في جميع مراحل الطفولة... ففي الأمم التي تحارب مدارسها
الرسمية الدين بشكل مباشر أو غير مباشر كالشيوعية, وفي الأمم التي تسير معاهدها
الدراسية على نظام الحياد في شؤون الدين والأخلاق كفرنسا وغيرها يقع عبء التعليم
الديني على الأسرة... فبفضل الحياة في الأسرة تتكون لدى الفرد الروح الدينية وسائر
العواطف الأسرية التي تؤهله للحياة في المجتمع والبيت([3]).
أقام الإسلام نظام الأسرة على أسس سليمة تتفق مع ضرورة
الحياة وتتفق مع حاجات الناس وسلوكهم, واعتبر الغريزة العائلية من الغرائز الذاتية
التي منحها الله للإنسان قال تعالى: {ومن آياته أن الخلق لكم من أنفسكم أزواجاً
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}([4]) فهذه
الظاهرة التي فطر عليها الإنسان منذ بدء تكوينه من آيات الله ومن نعمه الكبرى على
عباده.
وشيء آخر جدير بالإهتمام هو أن الإسلام يسعى إلى جعل
الأسرة المسلمة قدوة حسنة وطيبة تتوفر فيها عناصر القيادة الرشيدة, قال تعالى
حكاية عن عبادة الصالحين: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة
أعين واجعلنا للمتقين إماماً}([5]), وأهم قاعدة من قواعد التربية
أن توجد عملياتها التربوية القدوة الحسنة, والمثل الأعلى للخير والصلاح.
وعلى أية حال فإن نظام الأسرة الذي سنّه الإسلام يقوم
على أساس من الوعي والعمق لما يسعد به الأسرة ويؤدي إلى تماسكها وترابطها من
الناحية الفيزيولوجية, والنفسية, والاجتماعية, بحيث ينعم كل فرد منها, ويجد في
ظلالها الرأفة والحنان والدعة والاستقرار.
إن الإسلام يحرص كل الحرص على أن تقوم الرابطة الزوجية –
التي هي النواة الأولى للأسرة- على المحبة, والتفاهم والانسجام, وهو الزواج
المثالي الذي عناه (هاميلوك اليس) بقوله >لا يقوم الزواج المثالي حقاً على
توافق الشهوة فقط, وإنما يقوم على اتحاد غير شهواني, أساسه مودة عميقة تتوفق على
ممر الأيام وتشمل شتى نواحي الحياة, وهو اتفاق الأذواق, والمشاعر والميول, وهو
اتفاق على الحياة المشتركة, بما قد تستلزمه من أعباء الأبوة<([6]).
وهذا هو ما ينشده الإسلام في الرابطة الجنسية أن تكون
مثالية, وتقوم على أساس وثيق من الحب والتفاهم حتى تؤدي العمليات التربوية الناجحة
أثرها في تكوين المجتمع السليم.
لقد شرع الإسلام جميع المناهج الحية الهادفة إلى إصلاح
الأُسرة ونموها وازدهار حياتها, فعنى بالبيت عناية خاصة, وشرع آداباً مشتركة بين
أعضاء الأسرة, وجعل لكل واحد منها واجبات خاصة, تجاه أفراد أُسرته, وهي مما تدعو
إلى الترابط, بالإضافة إلى أن لها دخالة أيجابية في التكوين التربوي
هناك وضائف جديدة تترتب على الاسرة في السنين الاولى من
عمر الطفل ومن الضروري بناء علاقات جديدة , اما الاجراءات التي تنبغي القيام بها في
مايتعلق بتربية الافراد فهي كثيرة منها :
1-الوعي : أول خطوة هي تعريفه بمسائل الحياة والمسائل المتعلقة
بالانسان وخالقه والناس والاخرين ,كما أن من اللازم, وتزامناً مع النمو البدني, التمهيد
لتغيرات في تكامل النفس.
2- تعليم المهن والحرف: تنصب بعض وظائف المدرسة والبيت على
إعداد الأفراد لممارسة شغل وحرفة, إذ يجب أن يدخل تدريجاً عالم العمل ويحصل على ستقلاله
الاقتصادي ويعتمد على نفسه, ويحاول بعض الآباء تعليم أبنائهم الاعمال نفسها التي يمارسونها,
وهو أمر لا بأس به بشرط أن يكون متناسباً مع نمو ورغبة الفتى والشاب, ويركزّ على أن
يرفع الاشخاص باعمل والجهود بعض الحمل الملقى على عاتق المجتمع وحل المشكلات الاجتماعية على أساس ذلك.
3- التربية الاجتماعية والأخلاقية: تنمو الميول الاجتماعية
بالتدريج عند الاشخاص في الأعوام السبعة الثالثة فيرغبون في التفاعل مع المجتمع, وفي
الوقت نفسه تظهر لديهم بعض الاحيان رغبة في الانفراد والخلوة ويرغب الإنسان في هذه
المرحلة في المحافظات على استقلاله في الوقت نفسه الذي يميل فيه إلى الارتباط الاجتماعي.
4- التربية العقيدية : لابد أن يتفهم المربون والاباء والامهات
أن قلوب الاحداث كالارض الخالية كل مايلقى فيها من البذر تقبله , فيجب عليهم إلقاء
البذور الطيبة في الارض إلانسانية قبل ان يلقي الاخرون فيها البذور الخبيثة .
يقول الامام علي ×>إنما قلب الحدث كالأرض الخالية كل
مالقيفيها قبلته<.
وفي حديث الامام علي ×إشارة إلى أن على الاهل متابعة نمو
ولدهم الديني من الناحية الفكرية والروحية والعاطفية والعملية واستخدام أفضل الطرق
لزرع بذور العقيدة الصحيحة في نفس الفتيات والفتيان منذ أن يبدأ وعيهم لأشياء بحيث
يبدأ تصوره لله كحقيقة يرتبط بها وجوده ثم تعليمه بعض الكلمات الدينية ككلمة >لا
اله إلا الله ) أو ( قل هو الله احد).
فيما ياتي بعض الامور التي من الضروري مراعاتها في تربية
الفتيات والفتيان :
1-توجد لدى الفتيات والشباب قابلية للنمووبروز العاطفة
, لذا من الضروري توجيه عواطفهم عند تربيتهم .
2- يجب ملءأوقات الفراغ بوساءل الترفيه السليمة حتى
لا يتسرب غليهم الفساد .
3- الصراع النفسي يكون شديداُفي هذه الفترة , ومن الواجب
تهيئة الوسائل لرفع الاضطرابات والحصول على الهدوء النفسي .
4- يظهر في هذه السن كثير من الانحرافات , فيجب العمل على
أن لا يتحول هذا الامر إلى عادة.
5- هذه المرحلة هي مرحلة ظهور الغريزة الجنسية , فيجب السيطرةعلى العوامل
المثيرة .
6- يجب الاستفاد من القابليات التي لديهم , وخاصة ما يتعلق منها بالعمل وأختتيار الموقف والتي تظهر في هذا
العمر وصيها في أتجاه إرشادهم .
7-إن البدن يكون نشطاً في هذه
المرحلة والاحتراق في البدن والأنشطة الكيماوية كثير ة فيجب ملاحظة هذه المسالة.
8- يحتاج الآباء والمربون إلى الحصول على بعض المعلومات
لبناء أو إصلاح الابناء لان هذه الفترة مرحلة مستقلة في الحياة فينبغي الالتفات إلى
المسائل المتعلقة بالفتيان لانها مسائل خاصة .
وكذلك رعاية الفتيات رعاية خاصة بهن لما لهن من دور في المجتمع
الذي ينتظرهن وكيفية قيام الفتيات بدورهن الفاعل والمؤثر مع الأخوة والاخوات والابناء
والارحام عموماً وهذا ليس من السهل بل لابد من ملاحظة السلوك وإنجاحه بنسبة عالية.
وجعل الإسلام مناهجاً مشتركة بين جميع أعضاء الأُسرة,
ودعاهم إلى تطبيقها على واقع حياتهم حتى تخيم عليهم السعادة, ويعيشون جميعاً في
نعيم وارف وهي:
ودعا الإسلام إلى سيادة الحب والمودة والتألف بين أفراد
الأسرة وأن يتجنبوا عن كل ما يعكر صفو الحياة والعيش, وتقع المسؤولية بالدرجة
الأولى على المرأة فإنها بإستطاعتها أن تحول البيت إلى روضة أو جحيم, فإذا قامت
بواجبها, ورعت ما عليها من الآداب كانت الفذة المؤمنة فقد أثر عن رسول الله (ص) ان
شخصاً جاءه فقال له: >أن لي زوجة إذا دخلت تلقتني, وإذا خرجت شيعتني, وإذا
رأتني مهموماً قالت ما يهمك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك, وإن كنت تهتم
بأمر آخرتك فزادك الله هماً فانبرى (ص) يبدي أعجابه وإكباره بها وقال: بشّرها
بالجنة, وقل لها: إنك عاملة من عمَال الله<([7]).
وإذا التزمت المرأة برعاية زوجها, وأدت حقوقه وواجباته
شاعت المودة بينهما وتكوّن رباط من الحب العميق بين أفراد الأسرة الأمر الذي يؤدي
إلى التكون السليم للتربية الناجحة.
وحث الإسلام على التعاون فيما بينهما على شؤون الحياة,
وتدبير أمور البيت وأن يعيشوا جميعاً في جو متبادل من الود والتعاون, والمسؤولية
تقع في ذلك على زعيم الأسرة وهو الزوج، فقد طلب الإسلام منه أن يقوم برعاية زوجته
ويشترك معها في شؤون منزله، فقد كان النبي’ يتولى خدمة البيت مع نسائه، وقال:
>خدمتك زوجتك صدقة< وكان الإمام أمير المؤمنين× يشارك الصدّيقة سيدة نساء
العالمين فاطمة الزهراء÷ في تدبير شؤون المنزل ويتعاون معها في إدارته، ومن
الطبيعي أن ذلك يخلق في نفوس الأبناء روحاً من العواطف النبيلة التي هي من أهم
العناصر الذاتية في التربية السليمة.
وحثّ الإسلام على تبادل الاحترام، ومراعاة الآداب بين
أعضاء الأسرة فعلى الكبير أن يعطف على الصغير، وعلى الصغير أن يقوم بإجلال الكبير
وتوقيره. فقد اُثر عن النبي’ أنه قال في جملة وصاياه العامة: >فليعطف كبيركم
على صغيركم، وليوقر صغيركم كبيركم...<، إن مراعاة هذه الآداب تخلق في داخل
البيت جواً من الفضيلة والقيم الكريمة، وهي توجب تنمية السلوك الكامل في نفس
الطفل، وتبعثه إلى الانطلاق في ميادين التعاون مع أسرته ومجتمعه، وقد ثبت في علم
التحليل النفسي بأن قيم الأولاد الدينية والخلقية إنما تنمو في محيط العائلة([8]).
وإذا منيت الأسرة بعدم الانسجام والاضطراب فإن أفرادها
يصابون بآلام نفسية، واضطرابات عصبية، وخصوصاً الأطفال فإنهم يمنون بفقدان السلوك
والانحراف، وقد اظهرت الدراسات والبحوث التربوية الحديثة أن من أهم الأسباب التي
تؤدي إلى انحراف الأحداث هو اضطراب الأسرة، وعدم استقرارها فتنشأ منه الأزمات التي
تؤدي إلى انحرافهم([9]).
من وسائل التربية الصحيحة التي يدعو إليها علماء النفس
والاجتماع التركيز على قراءة القصص الروائية الواردة عن أهل البيت^ فإن لها جانباً
مهماً في التأثير في سلوك الفتيان والفتيات وفي صقل شخصيتهم وبلورة أفكارهم،
وتحديد سلوكهم، وأفعالهم في الأسرة والمجتمع، ومع آبائهم بالتحديد.
ومن تلك القصص الروائية:
1. قال الإمام الصادق×: بينما موسى بن عمران يناجي ربه،
إذ رأى رجلاً تحت ظل عرش الله، فقال: يا رب،
من هذا الذي أظله عرشك؟ فقال: هذا كان بارّاً بوالديه، ولم يمش بالنميمة.
2. إن صياداً أتى النبي’ وقال: يا رسول الله إني رجل
عامي فمرني بعمل أنجو به من النار، قال’: هل لك أبوان؟ قال: نعم، قال: اخدمهما،
فإن رضا الله عند رضاهما، والجنة تحت أقدام الأمهات.
والأب ليس مسؤولاً عن الحياة الاقتصادية وتوفيرها
لأبنائه فحسب وإنما هو مسؤول عن تربيتهم، وتهذيبهم، وآدابهم، وتوجيههم الوجهة
الصالحة، وأن يعوّدهم على العادات الطيبة، ويحذرهم من العادات السيئة، يقول الإمام
زين العابدين×: >وأما حق ولدك، فتعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره
وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، والدلالة على ربه والمعونة له على طاعته
فيك، وفي نفسه. فمثاب على ذلك، ومعاقب. فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه
في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه، والأخذ له منه
...<([10]).
وكان هذا الإمام العظيم يدعو لولده بهذا الدعاء:
>واجعلهم أبراراً اتقياءً بصراءً سامعين مطيعين لك. ولأوليائك محبين ناصحين,
ولجميع اعدائك معاندين ومبغضين...<([11]).
إن الأب مسؤول عن تربية أبنائه تربية صالحة ليكونوا قرة
عين له في مستقبله, وكان أئمة أهل البيت^ يعنون بهذه الجهة ويولونها المزيد من
الاهتمام, يقول الإمام أمير المؤمنين× المربي الأول في الإسلام إلى ولده الإمام
الحسن×: >وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى شأن شيئاً لو أصابك أصابني وكأن الموت لو
أتاك أتاني, فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي...<.
أن الولد ليس بعضاً من الأب بل هو نفسه يحكي وجوده
وكيانه فعليه أن يهتم بشؤونه التربوية, وان يعنى في تهذيبه, وكماله ليمون فخراً
وزيناً له, أما إذا أهمل تربيته, ولم يعن بشؤونه يغدو نقمة ووبالاً عليه... ونعرض
فيما يلي إلى بعض مسؤوليات الأب:
على الأب أن يعنى أشد العناية بأبنائه, وأن يوليهم
المزيد من اهتمامه ويغدق عليهم العطف والحنان, ويقوم بتكريمهم أمام الغير فإن لذلك
أثره الفعال في بناء كيانهم التربوي, وازدهار شخصيتهم ونموهم الفكري وعلى هذا
الأساس الخلاّق كان النبي’ يرعى سبطيه وريحانتيه الحسن والحسين فكان يحملهما
ويقول: >هذان ريحانتيّ من الدنيا, من أحبني فليحبهما...<([12]) وكان يقول لبضعته سيدة نساء
العالمين فاطمة الزهراء÷: >أدعي ابنيّ, فتأتي بهما إليه فيشمهما ويضمهما
إليه<([13]) وروي أن الأقرع بن حابس لما
رأى شدة إقبال النبي’ على حفيديه قال له: >إن لي عشرة من الأولاد, ما قبلت
واحداً منهم... فغاط النبي ذلك وقال له: علي إن نزع الله الرحمة منك<([14]).
لقد سكب النبي’ في نفس ولديه الحسن والحسين‘ مثله
وهدية, وأفاض عليهما نزعاته الرحيمة حتى صارا بحكم تربيته من أروع أمثلة
التكامل... وقد حفلت سيرتهما الندية بكل مظاهر العظمة والخلود وكل ما تعتز به
الإنسانية في جميع أدوار تأريخها, سمواً في الخلق, وسمواً في الذات, وانطلاقاً في
ميادين الحق والخير, إن عناية الآباء بأبنائهم وإغلاق اللطف والحنان عليهم من أهم
المقومات للكيان التربوي الذي تزدهر به شخصية الطفل, ويكون بمنجى من العقد النفسية
التي هي من أخطر الأمراض التي يصاب بها الإنسان لقد أثبتت البحوث التربوية الحديثة
أن المواطنين الصالحين, ورجال العلم الطيبين إنما يأتون من الأسر التي تعنى
بالأطفال, وترغب فيهم([15]) وقد أكد علماء النفس هذه
الظاهرة, كما ذكروا أن الأبناء المنبوذين من أُسرهم يبدون سلوكاً عدوتنياً,
ويكونون سلبيين, مشاكسين, متمردين, وكثيراً ما يبرعون في ابتكار الحيل التي تضايق
الكبار, كما يظهرون الميل إلى سلوك الإجرامي([16]).
وينبغي للأب أن يغمر جميع أولاد بالحب ويساوي بينهم
بالحنان, والعطف والرعاية, فإن اختصاص بعضهم بذلك, وحرمان الباقين منه مما يؤدي
إلى العقد النفسية والغيرة والحفيظة, ونشوب الثورات الانفعالية في نفوسهم, كما
تجعلهم عرضة للإصابة بأمراض عصبية خطيرة.
وحكى القرآن الكريم قصة يوسف حينما آثره أبوه يعقوب,
وميّزه على بقية أبنائه فأجمع رأيهم على الكيد له, فألقوه في غيابة الجب, وجاءوا
أباهم عشاءً يبكون فحزن عليه يعقوب حتى أبيضت عيناه فهو من الحزن كظيم, وهذه
المحنة الكبرى التي دهمته كانت نتيجة الأثرة, وتقديمه يوسف على أخوته, وقد أثر عن
النبي’ أنه قال: >أعدلوا بين أولادكم في السر, كما تحبون أن يعدل بينكم في البر
واللطف< ونظر’ إلى رجل له إبنان فقبّل أحدهما وترك الآخر, فنهره’ وقال له:
>هّلا ساويت بينهما<([17]).
قال الإمام الباقر×: >رحم الله عبداً أحسن فيما بينه
وبين زوجته فإن الله عزَّ وجل قد ملّكه ناصيتها, وجعله القيم عليها...<.
وقال الإمام الصادق×: >اتقوا الله في الضعيفين- يعني
المرأة والمملوك..<.
لقد حث الإسلام على مصاحبة الأبناء في سنهم المبكر,
ومراقبة سلوكهم خوفاً عليهم من التلوث بالجرائم التي تسببت انحرافهم عن السلوك
النير. ومن المؤسف إهمال الآباء- في هذه الصور- لهذه الجهة التي يتوقف عليها مصير
الأبناء في مستقبلهم, وقد أدى هذا الإهمال الفظيع إلى التسبب والأنحلال الذي مني
به أكثر الأبناء فقد أصبح التهور والشذوذ طابعاً لهم في كثير من سلوكهم, وأخلاقهم.
قال الله عزَّ وجل: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم
وأهليكم ناراً}, ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فبأن يصونه عن نار الآخرة
أولى, وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق, ويحفظه عن قرناء السوء, ولا
يعوده التنعم, ولا يحبب إليه الزينة, وأسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر
فيهلك هلاك الأبد, بل ينبغي أن يراقبه من أول أمره, فلا يستعمل في حضانته وإرضاعه
إلاّ امرأة صالحة متدينة تأكل الحلال فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه فإذا
وقع عليه نشوء الصبي انعجنت طينته من الخبث فيميل طبعه إلى ما يناسب
الخبائث...<([18]).
إن واجب الأب الإسراع في تأديب أطفاله, إذا شذّوا في
سلوكهم أو ارتكبوا ما يخالف التقاليد الدينية والاجتماعية, أو ما يجافي الآداب
العامة فإن اللازم عليه الإسراع في تأديبهم بما يقلع روح الشر والتمرد منهم... وقد
أكد الإسلام ذلك فقد اُثر عن النبي’ أنه قال: >لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من
أن يتصدق بنصف صاع كل يوم...<([19]), وفي حديث آخر: >أكرموا
أولادكم واحسنوا أدبهم يغفر لكم<.
ونهى الإسلام عن أن يغشى الرجل أهله أمام أبنائه فإن
ذلك مما يوجب تهيج الشهوة عندهم, وانطلاقهم في ميادين الدعارة والفجور, يقول
الإمام الباقر× لجابر: >إياك والجماع حيث يراك صبي يحسن أن يصف حالك<([20]).
وقال الإمام أبو عبد الله الصادق×: >لا يجامع الرجل
إمرأته ولا جاريته وفي البيت صبي, فإن ذلك يورث الزنا<([21]).
وقال
رسول الله’: >والذي نفسي بيده لو أن رجلاً غشي إمرأته وفي البيت صبي مستيقظ
يراهما, ويسمع كلامهما, ونفسهما, ما أفلح أبداً, إن كان غلاماً كان زانياً, أو
جارية كانت زانية...<([22]).
وقد
اكد علماء التربية الجنسية ضرورة إبعادهم عن ذلك, يقول (سيرل بيسبي): وما دامت
الناحية الجنسية موجودة عند الجميع حتى عند الأطفال منذ مولدهم, ولو بقيت في حالة
الكمون حتى سن البلوغ فمن المهم أن تتفادى الأتيان بأي عمل قد يستثيرها قبل
أوانها, وثمه آباء لا يرون إبعاد الطفل عن الحجرة عندما يخلعون ملابسهم, ولكنهم
يتمادون في هذا السبيل, ويظنون أن واجبهم يحتم عليهم- باعتبارهم- من التقدميين
المجددين (أو المثقفين) أن يوفوا الفرص لكي نراهم عراة ولكن متى تكررت رؤية الطفل
فإنها عن قريب تولد بدورها اهتماماً زائداً بخصائصه في نفسية الطفل<([23]).
إن الإسلام شديد الحساسية بكل ما يعوق نمو الطفل
وازدهار شخصيته، والتغذية الملوثة بالحرام تؤثر أثراً ذاتياً في دخائل النفس،
وتوقف فعاليتها السلوكية، وتغرس فيها النزعات الشريرة كالقسوة والاعتداء والهجوم على
الغير، وقد راعى الإسلام باهتمام هذه الجوانب، فألزم إبعاد الطفل عن الغذاء الحرام
فقد اُثر عن رسولنا الأعظم’ إنه رأى ريحانته وسبطه الأول الإمام الحسين× قد أخذ من
تمر الصدقة فجعلها في فيه وكان طفلاً فزجره وقال له ارمي بها أما علمت إنا لا نأكل
الصدقة([24]).
إن الأم هي المدرسة الأولى في بناء شخصية الطفل وإكسابه
العادات، فإذا كانت مهذبة كريمة تمّ إنشاء جيل صالح متسم بالاتزان في سلوكه، وإذا
لم تكن مهذبة فإن الجيل حتماً يصاب بالتحلل، ويمنى بكثير من المفاسد، إن أهم ناحية
في تربية الطفل، تستند الى الأم فهي التي تبني الأسس باتجاهات الطفل وأخلاقه، وهي
التي توجهه نحو الفضائل والطموح والإقدام والعمل والاعتماد على النفس، وهذه الأسس
التي يكتسبها الطفل قبل الثامنة من عمره يصعب تبديلها كلياً فيما بعد، ولذلك فإن
أثرها في حياة الشعوب ورقيها كبيراً جداً. فإذا اعتاد الولد أن يكون طموحاً
ومقداماً ونشيطاً ومثابراً في أعماله ويتقن ما يعمل فإنه من الطبيعي يكون ركناً
قوياً لقيام شعب يتمتع بطاقات كبيرة لإنجاز الأعمال وبناء الحضارات المزدهرة.
نورد هنا بعض الأمور التي تحمل الأم المسؤولية عن
التربية الواعية لأبنائها:
1. تحبذ لهم كل سلوك طيب، وتلمسهم النتائج الشريفة التي
تترتب على فعله وتشجعهم عليها بجميع طاقتها.
2. تجنبهم عن كل طريق إجرامي، وعادة سيئة، وتخوفهم من
سلوك أي جهة لا تتفق مع العادات الدينية والاجتماعية ودلّل لهم على ما يترتب عليها
من الضرر لهم وللأسرة وللمجتمع.
3. عليها أن تربي بناتها على الطهارة والعفة، وترشدهنّ
الى محاسن الأخلاق، وتحذرهن من الاستهتار وخلع الحجاب، وارتداء بعض الأزياء التي
ترتديها الفتاة الغربية التي لا تشعر بالعفة والكرامة.
تلعب المرأة دوراً مهماً وحساساً من خلال دورها الرسالي
الذي كلّفها الله تعالى به أولاً، والمجتمع والأسرة ثانياً، أما على الصعيد الأول
فإن القرآن لم يفرق بينها وبين الرجل في تحمل الواجبات والمسؤوليات الملقاة على
عاتق كل منهما ولكن بما يتناسب مع طبيعة تكوين كل منهما؛ إذ من المعلوم أن تكليف
الفرد رجلاً كان أم أمرأة بما لا مع طبيعته ظلم له، وإجحافاً بحقه لأنه تكليف بما
لا يطاق، وهو لا يتناسب مع حكمة الله عز وجل.
فحين يطالعنا القرآن الكريم بعناوين مثل: يا أيها
الناس، أو يا أيها الذين آمنوا، فإننا نفهم أن الخطاب موجه الى كل الناس من
المؤمنين من دون فرق بين الرجل والمرأة، ومن هنا يعتبر الإسلام المرأة إنسانة
مستقلة من الناحية القانونية كالرجل، وليس لأحد أية ولاية عليها إذا كانت جديرة
ورشيدة إلاّ فيما تتنازل هي عنه بقرار شخصي على أساس التعاقد، فالإنسانية ذكر كان
أم أنثى تتسع لكل جوانب الحياة، والإسلام لم يلغ إنسانية المرأة ولم يعف المرأة من
مسؤولياتها لأن القضايا العامة في الإسلام مشتركة بين الرجل والمرأة في العمل
الرسالي، وحركة المسؤولية تبع للطاقات التي يملكها هذا الفريق أو ذاك،إلاّ ما نصّ
عليه الإسلام، ومن ذلك الجهاد الذي أعفيت منه المرأة، ولكن لم يحرم عليها، بل ربما
يظهر من أحاديث السيرة النبوية: إن المرأة تقوم بدور في الجهاد، فقد كان لها دور
المسعفة والممرضة وما إلى ذلك من الشؤون، فالمسؤولية عامة في دور المرأة والرجل
إلاّ ما استثناه الإسلام كالقضاء والولاية.
أما الفكرة القائلة بحبس دور المرأة في نطاق خاص فهي
فكرة غير عملية، وغير صحيحة وهذا ما اعتاد عليه الناس؛ إذ يجعلون لكل إنسان دوراً
بحسب اختصاصه في حين باستطاعة المرأة أن تواجه كل المواقع العملية المتصلة بالحياة
والمجتمع بشكل عامّ في ما يمكنها أن تقدمه سواء على مستوى القضايا الإلزامية أو
غير الإلزامية التي يستحب لها القيام بها.
والإسلام قد حملها أعظم الأمانة والمسؤولية لما لها من
دور كبير في أداء عملها الرسالي، بل ربما كانت مسؤوليتها وواجباتها أهم وأخطر من
الرجل، وقد جعلها الإسلام مع الرجل سواء، وأنها والرجل من نفس واحدة، بدليل أن
الله تعالى خلق المرأة والرجل ليبنيا الحياة معاً وليتكاملا على امتداد الحياة.
لذلك فتح الإسلام باب الحياة في كل ساحات الصراع للمرأة
جنباً الى جنب مع الرجل، تنصره وينصرها، تعينه ويعينها، تتكامل معه ويتكامل معها،
ولم يفصل بينهما في الأدوار، وهذا أمر يعكسه بجلاء نصّ القرآن بقوله سبحانه
وتعالى: {المؤمنون والمؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}([25]).
ولا شكّ أن المعروف يتسع لكل شيء إيجابي في الحياة،
فالرجل والمرأة شريكان في بناء الحياة، الإسلام فتح أمام المرأة باب الحياة
بأسرها، وكلّفها بمسؤولية تغيير المجتمع، ولم يحجمها في خصوصياتها كأنثى كما يعتقد
بعض الناس.
الإسلام لم يعترف بكون المرأة ربة بيت فقط، بل هي في
نظره إنسانة كاملة الإنسانية، دورها في الحياة دور إنساني رائد، أما المهام
المنزلية فتعاون مشترك بينها وبين الرجل لتدبير شؤون حياتهما، ومن أبرز معالم دور
المرأة في عملها الرسالي أن تكون داعية بين بني جنسها في أي مكان، في البيت، في
العمل، في المدرسة، الحرم الجامعي، أو التجمعات النسوية، فإذا وجدت القدرة على
أداء الرسالة كان ذلك واجباً عليها كواجبها في أداء الصلاة والصوم والحج، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر.
والأمر يدور على الاستطاعة وعدمه، فإذا كانت المرأة
عالمة بأنها تستطيع أن تهدي جمهوراً من النساء أو الرجال وجب عليها أن تقوم بذلك،
وإذا كانت تستطيع توسعة هذه الإمكانات كان واجباً عليها أن تفعل، وربما تكون
المصلحة في أن يكون القيام بهذا الدور الثقافي من بعض مسؤولياتها الخاصة، بحيث
تتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في بعض الأحيان.
مكانة المرأة في الإسلام
أولى الاسلام المرأة مكانة خاص حيث توافرت الاحاديث على
تخصيصها على عدة مستويات، فقد روي عن الإمام أبو عبد الله الصادق×: إن رجلاً جاء
الى النبي’ فقال له من أبرّ؟ قال’: أمك، قال: ثم من؟ قال’: أمك، قال: ثم من؟ قال’:
أمك، قال: ثم من؟ قال’: أباك([26])
ويأتي رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- ليرفع مكانة
المرأة فإذا به يبايع النساء بيعة مستقلة عن الرجال، وإذا بالآيات تتنزل، وإذا
المرأة فيها إلى جانب الرجل تكُلَّف كما يُكَلَّف الرجل إلا فيما اختصت به. (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ
وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (وَاللهُ جَعَلَ لَكُم منْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
وَجَعَلَ لَكُم منْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) صفات
صالحة في الرجال، ما ذكرها الله إلا وذكر في جانبها النساء، والصالحة كذلك.
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)(الطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ) وإذا برسول الله -صلى الله عليه
وآله وسلم- بعد مدة ليست باليسيرة يقول: "إنما النساء شقائق الرجال" و
يقول في خطبته الشهيرة: "استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عندكم عَوَان خياركم
خياركم لنسائهم، خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" صلوات الله وسلامه
عليه وآله. يأتيه [ابن عاصم المنقري]؛ ليحدثه عن ضحاياه، وعن جهله المُطْبِق،
ضحاياه المؤودات فيقول : لقد وأدت يا رسول الله اثنتي عشرة منهن، فيقول –صلى الله
عليه وسلم-: "من لا يَرحم لا يُرحم ،من انت له أنثى فلم يَئدْها، ولم
يُهِنْها، ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله –عز وجل وتعالى- بها الجنة ". ثم
يقول –صلوات الله وسلامه عليه-: "من عَالَ جاريتيْن حتى تبلغا، جاء يوم
القيامة أنا وهو كهاتين، وضمَّ بين أصابعه صلوات الله وسلامه عليه" ليس هذا فحسب، بل أنزل الله في
النساء سورة كاملة باسم سورة النساء، وخصَّهن بأحكام خاصةوخص الاسلام الفتياة
بعناية خاصة لها الاثر في خاص في تربيتها.
لاشك أن مرحلة الطفولة هي فترة تكوينشخصية الفرد ,ولها أهمية
بالغة, بل أسس الحياة اللاحقة للانسان ذات علاقة بهذه الفترة .
والطفولة في بداية الحياة كفسيل يجب ان تنمو في ظل همة الوالدين
والمربين فتزهر وتنضج وتثمر ويتفرع منها فسائل مثلها وأفضل منها أحياناً. وبها ترتبط
كيفية نمو الطفل ونضجه وسيره في الطريق المستقيم أو المنحرف.
ومن اللازم التفكير بالطفل والتخطيط لتربيته ورقابة نموه
ووضع منهج لإرشاده وتهيئة المجالات لتعليمه من كل النواحي ويمكن أن نقول: إن افضل دقائق
العمر موضوعة تحت تصرف المربي وللطفل رغبة قوية جداً في تعلم طريقة الحياة والتقليد
والميل الى الاقتباس.
من الحقوق والواجبات التي يسأل عنها الآباء تعليم أبناءهم
وبناتهم القراءة والكتابة (التعليم بصورة عامة) وقد قال الرسول الأكرم‘: حق الولد على
والده أن يعلمه القراءة والكتابة والرماية وأن لا يرزقه الا طيباً، وإذ اقصر الآباء
والمهمات في تعليم أبنائهم في المراحل الثلاثة سألوا عن ذلك يوم القيامة، وتقول الروايات الواردة عن أهل البيت:
إن الآباء والأمهات الذين يتخلفون عن تعليم أبنائهم مأثومون.وظاهرة التعليم هذه يتماز
بها الإسلام عن بقية الأديان والمذاهب، لأنه أوجب على المسلمين وجوباً كفائياً تحصيل
العلوم التي تنتظم بها حياتهم كما يجب عليهم وجوباً عينياً التفقه في شؤون دينهم.
وعلى رب الأسرة أن يسعى الى تشجيع أسرته على تعلم المسائل
التي تهمهم ليخرجوا من الفقر العلمي الذي هم فيه والواجب على الرجل والمرأة تعلم الأخلاق
الإسلامية الفاضلة وتعليمها أبنائهم بأسلوب واضح ومحبوب وجذاب، فالبنت عندما تبلغ التاسعة
من عمرها على الأبوين أن يقوموا بتعليمها أصول الدين وفروعه، فالتعليم والتعلم يحظيان
بأهمية بالغة في الإسلام.
ولو نظرنا الى ترغيب الإسلام في التعليم والتعلم لرأينا
اهتمامه بثلاث أمور:
وينصبّ في ست جوانب أساسية:
1. تعليم الجوانب الأساسية في الحياة مثل القراءة والكتاب
والحساب.
2. تعليم المسائل الدينية كتعليم القرآن في المجتمعات الإسلامية.
3. تعليم مهارات والفنون اللازمة كمسألة ركوب الخيل
والرماية والسباحة.
4. تقديم معلومات عن القضايا الموجودة في المجتمعات
المختلفة.
5. تقديم معلومات في مجال معرفة العلم وما فيه من
ضوابط.
6.
تعليم نوع المواقف المتخذة إزاء الأمور والظواهر والحوادث.
ويشتمل أساس التربية على ستة أبعاد في الإنسان على
الأقل هي: البدن، والعقل، والذهن والقلب، والنفس، والعاطفة.
من مسوليات التي تقع على عاتق الوالدين تنميت روح العقيدة
وترسيخها في نفوس الفتيات منذ السنوات السبع الاولى ومن أهم معالم العقيدة وابرز اصولها زرع بذور التوحيد
في نفوس الأبناء وتعريفهم بالتوحيد واصول الدين وتبسيط الأدلة على معرفة الله وعظمته
وجلالته وكذلك الحديث عن علاقة الله بالانسان من جهة وعلاقة الانسان بالله تعالى من
جهة اخرى.
ففي الجانب الأول ينصب الحديث على خلق الوجود وتسيير نظام
هذا الكون وما فيه من الظواهر اضافة إلى رازقية الله وحاكميته في عين علمه وقدرته وارادته.
وأما الجانب الثاني فيتناول الحديث الخشوع والخضوع لله والاستعانة
به والتضرع إليه ومعرفة الواجب في سبيله وتنظيم برامج الحياة وفقاً لأوامراه واحكامه
وأن لا يكون هناك أي حب او عداء إلا على اساس إرادته وتعاليمه ويمكن تلقين العقيدة
بإسلوب استدلالي إلى حد ما لمن تجاوز الثامنة أو التاسعة من عمره ويعتبر تعليم الأصول
الاعتقادية من أنواع التعليم الأساسي وله دور مصيري في حياة الأشخاص.
لأخلاق دور اساس في حياة بني البشر الاجتماعية لانها معيار
تحديد سلام الحياة البشرية حتى قيل :
>ليست
القوانين هي التى تحكم العالم _بل العالم منقاد لاصول والقواعد الاخلاقية <
ولاشك
أن المسألة أكثر صدقاً ووضوحوحاً في الحياة العائلية .
ومن الضروري الاعتناء بالتربية الاخلاقية الحميدة لا نها
تحول دون سقوط الانسان في المهالك العويصة
,وهي طاقة كبرى تهيمن على الإنسان وتمنعه من الوقوع في المفاسد والانحرافات – فالفقر
الأخلاقي أسوأ ألوان الفقر وفقدها ألم مرير وقاتل, فقد اهتم الدين الإسلامي كثيراً
بتهذيب أخلاق الناس واعتبر نبي الإسلام مبعوثاً من أجل إتمام مكارم الأخلاق.
ولذا كانت بعثة الأنبياء ولا سيما رسول الله (ص) من أجل
تربية الإنسان وتعليمه للوصول به إلى الأهداف العالية وتطهير فكره من الدنس والأرجاس.
وأكبر رصيد للفضائل الأخلاقية ورأس كل المبادئ هو الإيمان
الديني الحقيقي الذي يوفر للإنسان القدرة والمناعة في مقاومة الغرائز والأحاسيس. ومن
أهم العوامل التي تكمن وراء صلاح المجتمعات البشرية وانتصاراتها وانتكاساتها العوامل
الأخلاقية, بل هلا من الآثار الحاسمة والواضحة والظاهرة في نظام حياة الأمم لأحد مجالاً
للشك والترددّ.
ومسألة التحكم بالأحاسيس والعواطف والحيلولة دون أن تُفرط
أو تفرط من أهم الأمور الأساسية في حياة الإنسان بنظر التربويين المختصين.
3. قال الإمام زين العابدين× في رسالة الحقوق: وأما حق
أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قبلها مما لم يعط
أحد أحداً، ووفتك بجميع جوارحها، ولم تبالي أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى
وتكسوك، وتضحى وتظل، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد، وأنك لا تطيق شكرها
إلاّ بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، فإن لولاه لم تكن فهما
رأيت من نفسك ما يعجبك فأعلم أن أباك أصل النعمة عليك، فاحمد الله وأشكره على قدر
ذلك، ولا قوة إلا بالله.
الضمير: هو صوت
الفطرة النابع من أعماق الإنسان، ولا شكّ أن الله تعالى قد فطر الإنسان على
الخير والصلاح، وهو عامل لمعرفة المسائل والجواب المتعلقة بحياة الإنسان، وبناءً
على هذا المفهوم فإن الضمير هو نوع من
الإدراك الباطني، الذي يعرف من غير علة إن لهذا العالم مدبر. ويدرك أن مسيرة
الحياة تتطلب الإخلاص والأمانة وأن الكذب والخداع قبيح.
ومن الواضح أن الفتى يدرك ذاتياً وبوساطة ضميره أن
الكذب قبيح وحتى في مطلع حياته لا يقدر على اختلاق الأكاذيب.
فالضمير يُبدي له حقيقة الكذب القبيحة، ولكن الطفل
ينجرف فيما بعد في تيار يجعله قادراً على الكذب بسبب سوء التربية وعدم سيطرة
المربي والتعليم الخاطئ.
نستخلص مما سبق أن للدين دوراً اساسي في نجاح الاسرة
وتعرفنا على بعض الايات والرويات التي تنظم حياة الزوجين وتساعدهم في تربية
اولادهم تربية صالحة تؤلهم للمساهمة في نجاح
, كما عرفنا أن الاسلام اعطى المرأة مكانة خاصة في كافة مراحل حياتها ونبه
الوالدين لتربينها تربية صالحة وضمن لهم الاجر العظيم لأن الفتاة هي أم المستقبل
التي ستنج أسرة أخرة فتربية فتاة صحيح هو أكبر نجاح تحققه الاسرة المسلمة .
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع،وصلاحها يعني
صلاح المجتمع،وفسادها يعني فساد المجتمع؛لهذا نجد أن ديننا الإسلامي الحنيف أولى
الأسرة رعاية خاصة ووضع الأسس والقواعد الراسخة التي تبنى عليها الأسرة، فبيّن
للرجل كيف يختار زوجته،كما بين للمرأة ووليها كيف يتم اختيار الزوج، ثم وضع حقوق
محددة للزوج على زوجته، وكذلك حقوق للزوجة على زوجها، ثم وضع حقوق للأبناء على
الآباء، وحقوق للآباء على الأبناء، حقوق كثيرة لو حافظ عليها الناس لسادت السعادة
بين الأفراد، وداخل الأسر، والمجتمعات.
وتأتي المشاكل من التفريط والإهمال في حفظ هذه الحقوق فتنتج
مشكلات كثيرة: فردية ، وأسرية ، واجتماعية.
ولأهمية الأسرة فقد أولاها الإسلام عناية فائقة قال
الله تعالى >والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة
ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون<.
فإذا كان الزوجان يتصفان بالتمسك بالدين وتعاليمه فمن
المؤكد أنه سوف تتوفر فيهما بقية شروط الأسرة المسلمةالموفقة التي هي من نتائج
التمسك الدين، وهي:
الشرط الأول: التمتع بثقافة دينية وعلم بأحكام الدين:
وهذا يشمل كلاً من الأبوين والأولاد في الأسرة بأن
يكونوا على إطلاع بأحكام الدين في الحلال والحرام،وفي الواجبات والمسنونات
والمحظورات قدراً ضرورياً يمكنهم من ممارسة عبادتهم ومعاملاتهم على الوجه الشرعيّ
الصحيح الذي يوصلهم إلى مرضاة الله عز وجل،ويجنبهم سخطه، فإنه لا عذر لجاهل بأحكام
الإسلام التي ينبغي أن تعلم بالضرورة، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله سلم}طلب العلم
فريضة على كل مسلم{ما
أن على الأسرة المسلمة أن تكون حريصة على أخذ العلم من العلماء العاملين المشهود
لهم بالرسوخ في العلم، وبهذا تزدهر الأسرة ويشتد ساعدها وتكون فاعلة في المجتمع،
ومصدر من مصادر قوته، ومنعته.
التمتع بثقافة تربوية
كافية والتخلق بها لتوجيه الأولاد توجيهاً سليماً:
الأسرة هي مكان بناء الأجيال وإعداد وتنشئة المواطنين الصالحين
للمجتمع، وفاقد الشيء لا يعطيه فيجب على الأبوين أن يتمتعا بثقافة تربوية كافية
تعينهما على توجيه أولادهم وإرشادهم ونصحهم، وإن مما يجب أن يطلعا عليه لنماء
ثقافتهما التربوية أن يقفا على كتب الحديث والسيرة ويقتبسا من حياة النبي – صلى
الله عليه وآله وسلم –
وأساليبه في تربية أولاده، والتعرف على خصائص نمو كل مرحلة
عمرية يمر بها أولادهم،ومطالب وحاجات كل مرحلة ،وأن يسلك الأبوان في تربية
أولادهما مسلك الاعتدال والوسط،الذي هو سمة عامة من سمات الإسلام فلا يدعوهم إلى
الغلو والشطط والتشدد والقسوة والجفاء والغلظة في أمور دينهم ودنياهم،ولا إلى
التساهل والتفريط والحيد عن أوامر الدين،
وبالنسبة لمشكلات الأولاد فإن من أهم الوسائل لعلاجها
هو إشاعة خلق الرفق والرحمة بينهم،وإحلال النصيحة والموعظة الحسنة من قبل الأبوين
تجاه أولادهما والتذكير بمخافة الله عز وجل ثم عدم المفاضلة بينهما والمقارنة
السيئة، فإن هذا السلوك من قبل الأبوين يولد الشحناء والبغضاء والحقد والكراهية
بين الأولاد، فلا بد من إقرار العدل والمساواة بينهم في كافة حقوقهم المادية منها
والمعنوية، وتحقيق قول الرسول صلى الله عليه واله وسلم {اتقوا الله واعدلوا بين
أولادكم} فبهذه الشروط يستقيم أمر الأسرة ويصلح حلها، وتكون مؤهلة أن تخرج بإذن
الله للمجتمع أعضاء صالحين يسهمون في رقيه
وتطويره،ويحافظون على أمنه واستقراره.